طربة عراقية ظهرت في عقد السبعينات
وكانت بحق قمر عراقي جسد صورة
أمراة مثقفة محترمة قادمة من مدينة الخير
والخصب والعطاء البصرة الحبيبة الى بغداد،
يوم كانت البصرة مدينة تفور بالنشاطات
الثقافية والفنية والاجتماعية،
ويوم كانت البصرة وجه العراق الحضاري
في التنوع الديني والانفتاح والتطور الاجتماعي والفرح
لا تتذكر متى بدأت الغناء، لأنها وبكل بساطة
وُلدت مغنية،
وحسب عائلتها، فإنها كانت تغني
منذ أن كان عمرها أقل من أربع سنوات،
ولا عجب في ذلك،
لا سيما أنها جاءت إلى الدنيا بينما كان والدها،أرشاك بدروس
، يعزف على البيانو ويغني محتفيا بمولدها،
وترعرعت في بيت مؤثث بالموسيقى
وبمكتبة موسيقية
تضم عددا كبيرا من «الاسطوانات السوداء»
للموسيقى الكلاسيكية
، وآخر الأغاني العربية والغربية،
وكان عمها، جميل بطرس، هو الآخر، موسيقيا
بل الأهم من هذا وذاك هو أن المغنية، سيتا هاكوبيان،
ولدت في مدينة البصرة التي يعشق أهلها
الموسيقى والغناء
، بل إنهم يعتبرون هذه الفنون جزءا من روح
وثقافة المدينة وعاداتها
تقول: «أنا منذ وعيت الدنيا أغني، منذ
أن كان عمري
أقل من أربع سنوات وأنا أغني،
والدي كان عازف بيانو ويغني ويكتب مسرحيات
غنائية باللغة الأرمنية في النادي الأرمني في البصرة».
سيتا، التي تعرف المستمعون إلى صوتها
وهي طالبة مؤدية ببراعة أغاني فيروز،
ولقبها الناس بأنها
«فيروز العراق»،
بداية المشوار
بدأت مشوارها بأغنية خاصة بها، مع قصيدة
«الوهم» للشاعرة نازك الملائكة، وألحان حميد البصري
وهي لا تعرف معنى النجومية، لأنها بدأت نجمة،
خاصة في حفلات النادي الأرمني بالبصرة،
وفي مدرستها، ومن ثم تألقت في أول أوبريت
غنائي عراقي متميز «بيادر الخير»،
الذي قدمته الفرقة البصرية عام 1969،
قبل أن تنتقل إلى بغداد التي سبقتها إليها شهرته
ا كمغنية من طراز خاص
توقفها عن الغناء
ومنذ أن أعلنت سيتا، وبلا سابق إنذار،
توقفها عن الغناء في نهاية الثمانينات،
ولأسباب لم تفصح عنها،
لتدرس الإخراج السينمائي في معهد الفنون الجميلة
، ندرت حواراتها الصحافية،
خاصة بعد أن غادرت العراق مع زوجها
المخرج التلفزيوني المبدع، عماد بهجت،
وابنتيها، نوفا ونايري، في بداية التسعينات
لتستقر أولا في كندا ثم في قطر،
وخلال زيارة عابرة إلى لندن مؤخرا تحدثت
معها «الشرق الأوسط» في حوار عن مرحلة ثقافية
كانت زاهية بالموسيقى والغناء والمسرح،
تلك حقبتا الستينات والسبعينات،
اللتين تألقت فيهما كمغنية إلى جانب أصوات
نسائية ظهرت وقتذاك،
تتحدث عن ذلك قائلة:
«في فترة السبعينات ظهرت الكثير من
الأصوات النسائية،
كانت الفنانة مي تغني للأطفال،
وكذلك ثلاثة أخوات كن في عمر الطفولة:
حنان وسحر وبيداء،
وظهرت أديبة وأنوار عبد الوهاب، وسهام،
وبرزت أصوات كثيرة، وكل واحدة أخذت
طريق مختلف
، فالسبعينات سادتها أجواء فنية بحتة،
فنحن كنا نهتم بإنجازنا الإبداعي،
مع أن الإعلام لم يهتم بنا كثيرا،
ولم نسعَ إلى المال،
فأنا كنت أنتج أغنياتي من مالي الخاص،
لكننا حافظنا على مستوى راق في الغناء،
في وقت كان من الصعوبة أن نسمي فيه
هذه مغنية أو ذاك مغنٍّ، ما لم يجتز اختبارات
عسيرة أمام لجنة متخصصة من الملحنين
والموسيقيين الأساتذة في الإذاعة والتلفزيون»
، منبهة إلى أنها «لم أمر من خلال هذه اللجنة،
كوني جئت إلى الإذاعة والتلفزيون وأنا مغنية أساسا،
بل إن اللجنة كانت قد جاءت إلى البصرة
للبحث عن الأصوات الجديدة، وهي التي اختارتني،
بعد أن سمعوا صوتي في مدينتي،
وظهرت ضمن الوجوه الجديدة في أغنية
(الوهم ) قبل أن أظهر في أوبريت
(بيادر الخير)،
أي أنني كنت مجتازة لمرحلة الاختبارات